“بصمات” يجمع مواهب طالبات

متابعة: زكية كردي

من نظريات كليات الهندسة، ومن قوانين علم التشريح على مدرجات كليات الطب، ومن كل تخصص في جامعة الشارقة تتفرد مواهب فنية مميزة لتعزف ألوان الحياة على وترها الخاص، هناك في مرسم الجامعة بعيداً عن مواعيد المحاضرات وجدول الامتحانات نجد كل ألوان الفنون التشكيلية تزهر وتنمو برعاية الجامعة التي حرصت على الاعتناء بمواهب أبنائها كاعتنائها بدراستهم وتقدمهم العلمي، لتفاجئنا بمعرض (بصمات) الذي يعتبر نتاج هذا الجهد المشترك ما بين إدارة الجامعة وبين طالباتها المبدعات والمصرات على التقدم بمواهبهن رغم كل تحديات الوقت .

من بعيد شدتني لمسة خاصة في لوحات تبدو لفنان محترف دمج هويته ببراعة في شفافية الألوان المائية ليتماهى معها، لأفاجأ بأن مجموعة اللوحات التي استوقفتني أولاً للتأمل كانت للطالبة نهى حميد (طالبة في السنة الأولى - كلية الطب) التي بدت متحمسة لمشاركتها الأولى في معرض فني خارج أبواب المدرسة، وعن الفرق الذي شعرت به تقول: "لاشك أن هناك فرقاً كبيراً بالنسبة للاهتمام واستقطاب المعرض لعدد كبير من الحضور، إضافة إلى الآراء التي أسمعها والنقد أيضاً"، وعن سبب اختيارها لدراسة الطب مع تمتعها بهذه الموهبة الفريدة في الرسم تذكر أنها تحب الطب كمهنة، وتفضل الاحتفاظ بالرسم الذي لا يمكن أن تبتعد عنه "كهواية" فهو العالم الذي تحب الهرب إليه لترتاح وهذا ما تقوم به حالياً حيث تخصص يوم الخميس -حيث لا توجد محاضرات لديها في الجامعة - ليكون موعداً أسبوعياً لها مع الرسم ، وشاركت "حميد" بعدة لوحات بعضها بالألوان المائية وأخرى بالزيتية، كما رسمت بعضها بتقنية الرسم بالسكين، ولكنها تضيف بأنها تفضل الألوان المائية في الرسم فهي مطواعة، وتبدو أكثر سرعة أيضاً .

وإلى جانب الهندسة التي اختارتها لتكون مهنتها للمستقبل تتمنى أن يكون الرسم بصمتها الخاصة أيضاً، وعن مشاركتها في المعرض الثاني منذ دخولها الجامعة تخبرنا شروق فؤاد عواد "طالبة في كلية هندسة الطاقة المستدامة" أنها رغم ضيق الوقت استطاعت المشاركة بلوحة واحدة، بالإضافة إلى جرة كانت رسمت عليها بالألوان الذهبية وشكلتها بطريقتها الخاصة، وتقول: "ضيق الوقت يمنعني من الاستمتاع بالرسم كما أشتهي، ومع هذا فقد كنت سعيدة بانتسابي إلى المرسم منذ دخولي إلى الجامعة، كما أنني سعيدة بأن تتاح لي الفرصة لأشارك بمعرض على هذا المستوى"، وتضيف بأن هذه المشاركة الثانية لها على مستوى الجامعة .

أما دنيا حمودي "طالبة في السنة الأولى في كلية الفنون الجميلة - التصميم الداخلي" فساعدها انتسابها إلى المرسم على تحديد خيارها الأهم في الحياة لتنتقل من كلية هندسة الكمبيوتر إلى كلية الفنون الجميلة بعد سنة من الدراسة، وتقول: "لم أجد نفسي في كلية الهندسة، لأني كنت أعتقد أنها لن تبعدني عن الرسم، لكن التجربة العملية بدت مختلفة، وساعدني وجودي في المرسم على تحديد وجهتي في الحياة، وأنا الآن أتعلم أشياء وتقنيات جديدة في مجال الرسم، لكني لم أحدد وجهتي فيه بوضوح حتى الآن، فأنا أبرع في رسم الشخصيات الكرتونية وسبق لي المشاركة في معرض (كوميكون) العالمي خلال العام الماضي، كما أنني أستمتع بالرسم التشكيلي أيضاً، ولي مشاركة في المعرض بجدارية كبيرة شاركت برسمها مع ثلاث طالبات أخريات .

وعلى عكسها تماماً تبدو مرام الغنام "طالبة في كلية التقنية - وسائط متعددة" منسجمة تماماً مع شخصياتها الكرتونية التي استوحتها من الثقافة اليابانية، فهي تبدع بابتكار شخصياتها الخاصة، وأحياناً تقوم برسم تلك الشخصيات الشهيرة التي تحبها مذ كانت صغيرة، وعن طريقتها برسم الشخصيات الكرتونية، تقول: "أحياناً يكون الرسم بالفوتوشوب والبرامج الشبيهة بشكل مباشر، وأحياناً أخرى نستخدم القلم الرصاص، ثم نصور الرسم لندخله إلى الكمبيوتر ونلونه، وتنوي "مرام" التخصص في هذا النوع من الرسم، فتذكر أنها قادرة على تجسيد القصص الكرتونية أو حتى العمل في المجلات المتخصصة، حيث شاركت في معرض (كوميكون ) لمرتين في السابق وأغنتها هذه المشاركة كثيراً، وعن تطور موهبتها في هذا المجال توضح أن التقدم في موهبة الرسم يعتبر مجهوداً شخصياً قبل كل شيء، كما أن وجود المرسم في الجامعة ساعدها كثيراً من خلال اجتماعها مع فتيات يملكن نفس الموهبة ليشعرن بالحماس جميعاً، بالإضافة إلى توفير بيئة جميلة للتعليم وتصحيح الأخطاء والنقد الذي يعتبر مفيداً وبناءً في هذه المرحلة .

والمفاجأة أن نجد إحدى الطالبات بدأت تستثمر موهبتها في الرسم لتحولها إلى مشروع خاص تميزه بفكرة مبدعة، حيث بدأت ريهام أكرم الرزي "طالبة في السنة الثالثة - كلية إدارة الأعمال" برسم البورتريهات للناس باستخدام أدوات التجميل مقابل مبالغ رمزية جداً، وعن تجربتها تقول: "اكتشفت أنني سريعة في رسم الوجوه، فاللوحة تستغرق نحو نصف ساعة، لهذا قررت استثمار هذه الموهبة وبدأت بالفعل، حيث أصبح في رصيدي حتى الآن نحو مئتي لوحة وجوه، رغم أني لم أبدأ إلا منذ وقت قريب، ولكن لدي الكثير من الطلبات لأن الناس يحبون طريقتي في الرسم، ولجأت إلى الانستغرام والفيس بوك لأعلن عن مشروعي، وبدأ الناس التواصل معي بالفعل"، وتشير إلى الصراع الذي يدور بينها وبين الوقت فتحاول دوماً أن تتعامل معه بحكمة، حيث اعتادت على عدم تأجيل دروسها حتى يتسنى لها تخصيص وقت للرسم حيث تخبرنا عن تميزها بإنجازه بسرعة أيضاً، وعن مشاركتها في المعرض تذكر أن لها أربع لوحات، وجرتان رسمتهما بطريقتها لخاصة .

من جهتها تذكر فرح اليوسف "مسؤولة المرسم الجامعي في قسم الطالبات - جامعة الشارقة" أن هذا المعرض الذي ضم نحو 80 لوحة نتاج عمل حوالي 45 طالبة من مختلف كليات جامعة الشارقة، منهن من ثابرت على التعلم وصقل موهبتها في مرسم الجامعة، ومنهن المستجدات، وعن مستوى الأعمال المشاركة، تقول: "لاشك أن هناك طالبات وصلن إلى مستوى احترافي في الرسم، ونحن في الجامعة نعمل على دعم جميع المواهب، فالأعمال المبدعة والمميزة نسعى لإيجاد الفرصة لها للمشاركة في معارض فنية خارج نطاق الجامعة، أما المواهب التي تكون بمستوى أقل فنعمل على دعمها ودفعها لتطور نفسها أيضاً، وكانت هناك مشاركات مميزة لطالبات جامعتنا في معرض (كوميكون) العالمي خلال العامين الماضيين أثمرت عن تبني بعض الشركات اليابانية للطالبات المميزات في رسم الشخصيات الكرتونية بعد تخرجهن في الجامعة، وهناك إحدى الطالبات التي أقامت معرضاً خاصاً لها خارج الجامعة وبدأت تصنع اسمها الخاص أيضاً، وتشير "اليوسف" إلى أن المشكلة الوحيدة التي تعانيها الفتيات هي الوقت، لكن جعل المرسم متاحاً لهن في كل الأوقات، وإعطاءهن الانطباع بأن هذا المكان مخصص للراحة والهدوء يجعلهن يستثمرن أوقات الفراغ ليتجهن نحوه المرة تلو الأخرى، وأخيراً تشير إلى أن الجامعة تعتزم نقل معرض (بصمات ) قريباً إلى النادي الثقافي العربي في الشارقة ليجذب عدداً أكبر من الناس .

تنتهج جامعة الشارقة استراتيجية بناء الطالب المبدع في مختلف المجالات، ولهذا تحرص على تبني مواهب الطلبة اللاصفية وتنميتها، وهذا غير متوفر في الكثير من الجامعات حسب د . صلاح طاهر الحاج، نائب مدير الجامعة لشؤون المجتمع، ويؤكد أن الجامعة حريصة على إيجاد المحضن المناسب لمختلف مواهب أبنائها، وعن دعم الجامعة يقول: "لاحظت بالفعل أن هناك الكثير من الأعمال المميزة في هذا المعرض، ولهذا هناك خطة لنقل المعرض إلى كلية الطب، وإلى كلية الفنون الجميلة أيضاً لتتاح الفرصة للطالبات للاستفادة من الفنانين العالميين الذين تستضيفهم الكلية ليحصلوا على المزيد من التشجيع، كما أننا نعتزم نقل المعرض إلى خارج أبواب الجامعة لنتيح الفرصة للطالبات ليعرضن أعمالهن على المجتمع، وهناك فكرة طرحت مؤخراً حول إمكانية أن تقوم الجامعة بشراء الأعمال المميزة للطالبات لتبقى معلقة على جدران الجامعة كتذكار منهن، كما يمكن أن أقوم أنا شخصياً باقتناء بعض الأعمال التي استوقفتني، فبدل أن أعلق على جدران مكتبي أعمالاً لفنانين آخرين، أفضل اقتناء أعمال طالبات جامعة الشارقة لأفخر بنتاج طالباتنا"، ويضيف أن إدارة الجامعة مستعدة لدعم طلابها وطالباتها المبدعات حتى أبعد الحدود، ويمكن حتى أن تقوم الجامعة بتوفير الرعاية لأي طالبة تعتزم إقامة معرضها الخاص خارج الجامعة .

المصدر:

http:/www.alkhaleej.ae/supplements/page/70cf8115-7a63-477b-a9d2-6d265a7a1380#sthash.DMqPAjSp.dpuf

ابرز أحداث الفعالية

أخبار أخرى قد تعجبك