اطروحة الدكتواره
تهدف هذه الدراسة البحث في السياق الاصطلاحيِّ للقاعِدة الوسائليّة، وبيان العلاقة بينها وبين القاعدة المقاصدية وغيرها من القواعد الشرعية، واستجلاء المصادر التي تستمد منها هذه القاعدة وجودها، وإلقاء الضَّوء على حجيتها ومراحل تطوّرها التاريخيّ، بَدءًا من القرون التي تشكّلت فيها البواكير الأولى للاهتمام، ومرورًا بمراحل متعاقِبة تلاحقت فيها الجهود تدوينًا وضبطًا وتخريجًا، وفي أُطرٍ فرديّة وجماعيّة.
وقد تناولت الدراسة مفهوم التنمية المستدامة في الفكر المعاصر، ثم في سياقها الاصطلاحي، وتمّ اختيار سبع قواعد وسائليّة وتنزيلها في مضمار هذه التنمية وهي:
قاعدة: [وسيلة المقصود تابعة للمقصود]، وقاعدة: [يُرجَّحُ خير الخيرين بتفويت أدناهما، ويُدفع شرُّ الشرين بالتزام أدناهما]، وقاعدة: [يُغتفَر في الوسائل ما لا يُغتفَر في المقاصد]، وقاعِدة: [ما كان أبلغَ في تحصيل مقصود الشارع كان أحبَّ]، وقاعدة: [ المقصد إذَا كانَت لَهُ وَسيلَتانِ فأكثر لَا تتعّينُ إحداهما عينًا، بَلْ يخيّر بينهما]، وقاعدة: [الوسائل تَسْقُطُ بسقُوطِ الْمَقَاصِدِ]، وقاعدة: [ المقاصدُ المشروعةُ لا تُسَوِّغُ الوسائل الممنوعةَ]، وهي قواعد ذات أثرٍ محقَّقٍ في ترشيد المجالات التنموية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وترسَّمت الباحثة المنهج الاستقرائي والتحليلي، وتأدت إلى جملة من النتائج، وفي طليعتها: أن الحمولة التقعيدية لقواعد الوسائل ذات أثر محقَّق في ترشيد صيرورة التنمية المستدامة، من جهات متعددة كجهة الموازنة بين الوسائل في قوة الإفضاء، وجهة التغليب الشرعي في جانبي الجلب والدرء، وجهة التوسع في الوسائل على خلاف المقاصد، وجهة التخير في الوسائل عند عدم التعيين، وجهة قطع التوسل الممنوع بحجة التقصد المشروع.. فضبط هذه الجهات أو المناطات في القواعد الوسائلية يُسعف بصورة ملحوظة في إجراء التنمية المستدامة على وجهها، واستيفاء أغراضها العمرانية والاستخلافية بعيدًا عن حدّي الإفراط والتفريط في مجال التوسل.