4 أوراق تبحث دور الفن في التقارب بين الثقافات

الشارقة - محمد ولد محمد سالم:

اختتمت صباح أمس في كلية الفنون والتصميم في جامعة الشارقة ندوة "تعارف الحرف" المصاحبة لملتقى الشارقة للخط العربي الذي تنظمه إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام بجلستين، وتحدث في الأولى كل من الدكتور فيصل سلطان من لبنان والدكتور محمد المغراوي من المغرب، وأدارها الدكتور موليم العروسي من المغرب .

في ورقته التي خصصها للتأثيرات المتبادلة بين الفن الإسلامي والفنون الغربية، استعرض فيصل سلطان تاريخ الاتصال بين الغرب والفن الإسلامي عن طريق بوابته الأهم وهي البوابة الأندلسية، حيث استخدم الإسبان بعد زوال الحكم الإسلامي في الأندلس الصنّاع المسلمين في زخرفة المباني، وجلب هؤلاء معهم خبراتهم الخطية والزخرفية، ما جعل الصنّاع الأوروبيين يتأثرون بتلك الزخارف، مما أدى إلى انتشار ما عرف بفنون الأرابيسك .

وأضاف سلطان أن هذا التأثير ظل يتطور مع تطور الفنون الأوروبية واكتشافهم المتتابع لجماليات الخط العربي والفنون الإسلامية عامة، حتى إن فناني عصر النهضة وفناني العصر الحديث تأثروا بأساليب المسلمين في استخدام شكل الدائرة كفضاء يقاس به التناسب الشكلي للحروف، ودرسوا العلاقات الإيقاعية في فنون الخط العربي للاستفادة منها .

أما عن تأثير الفنون الغربية في فن الخط العربي بشكل خاص فقد أشار سلطان إلى إنه ظهر بشكل جلي منذ سبعينات القرن الماضي عندما بدأ اتجاه الحروفية يغزو عالم الخط العربي، ذلك الاتجاه الذي أعلن عن نفسه بشكل صريح في معرض بغداد "البعد الواحد" ،1971 لينطلق فاتحاً آفاق الخط العربي على كل احتمالات الفن الحديث .

وختم سلطان بأن الانفتاح على الحروفية، وإن كان أضاف أبعاداً تجديدية إلى فن الخط العربي إلا أنه وضعه على مفترق طرق عصف بالوحدة الجمالية والروحية التي هي خاصية الفن الإسلامي .

د . محمد المغراوي تناول في ورقته "أهمية الخط العربي في حضارة المغرب والأندلس"، وقرر في مستهل مداخلته أن الخط العربي امتاز بالمرونة والانفتاح على ثقافات الشعوب التي وصلها الإسلام، مما ولد أنواعاً لا تحصى من الخطوط، ففي بلاد الفرس ظهر النستعليق والشكسته والنيسابوري، وفي الصين ظهر الخط العربي الصيني وفي تركيا ظهر الديواني والجلي والطغرائي وغيرها، وفي المغرب والأندلس ظهر الخط المغربي الأندلسي بأنواعه العديدة .

وقال المغراوي "إن الخط المغربي تطور عن الخط الكوفي وهو الخط الحجازي الأول وأقدم نماذجه في المحفوظة تعود إلى عهد الرسول صلى عليه وسلم، وكان خطاً مائلاً ليناً ثم تطور واكتسب شدة في القرون اللاحقة، وظهر شكلا الخط اللين والرخو في المغرب، في ما عرف بالخط القيرواني، الذي سيتطور استخدامه لكي يصل إلى أقصى حدوده الجمالية باستخدامه في فنون العمارة الأندلسية، حيث اكتسب خصوصيته كخط مدور الحروف، وهو الخط الوحيد الذي حافظ على بعض أشكال حروف الخط الحجازي القديم .

الجلسة الثانية تحدث فيها الدكتور عبد الكريم السيد عن الكتابة بوصفها تعارفا، ووسيلة للاتصال بين الشعوب، واستعرض تاريخ تطور الكتابة من الأحافير التي تحاكي الصور إلى الكتابة المسمارية ثم الهيروغليفية، وفي أوروبا تطورت الكتابة من الرمز المصور إلى حروف هي ما عرف فيما بعد بالحرف اللاتيني .

وأما عن الكتابة العربية فقال السيد "إن هناك اختلافاً في تاريخ ومكان نشأة هذه الكتابة، فيرى البعض أنها نشأت في اليمن لتشابه الخط الحميري القديم مع الحرف العربي، والبعض الآخر يرى أنها تطورت عن الخط النبطي القديم الذي وجد في بلاد الشام، ويعزز ذلك التقارب الشديد بين الخط النبطي القديم وبين الحرف العربي" .

أما سعد الدين عبدالرحيم فاستعرض تاريخ الكتابة، مقرراً أنها كانت قائمة على وضوح الخط وسلامة قواعده الجمالية التي أرساها ابن مقلة والتي تنطلق من نظرية الدائرة والتناسب طولاً وحجماً بين أجزاء الحرف نفسها، وبين الحرف وغيره من الحروف، ورأى سعد الدين أن هذا الوضوح والتناسب أصبح اليوم مهدداً بسبب الطباعة والتقنية الرقمية الحديثة التي لا تراعي تلك القواعد الجمالية ولا الإملائية، لأن الذي يتولى وضعها شركات تجارية اهتمامها منصب على العائد الربحي الذي ستجنيه . ودعا سعد الدين إلى ضرورة إجراء بحوث معمقة في مجال إدخال الحرف العربي إلى التقنية الحديثة، بحيث يكون الهدف هو توظيف التقنية لخدمة جماليات الخط العربي، وليس تطويع الخط العربي للتقنية، لأن ذلك التوظيف هو الذي سيحافظ على الخط، ويحفظه من التدمير .

المصدر:

https://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/0012de0a-75d5-44f4-9e4f-e450b70232eb

ابرز أحداث الفعالية

أخبار أخرى قد تعجبك